طرق لتعليم الطفل الصدقة والتبرعات

5 كانون الأول 2024
شارك
jordan Parcel

قال -تعالى-: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

أولى الإسلام فضلًا عظيمًا للصدقة؛ لما لها من أثر في تعزيز روابط التآصر والتماسك على المجتمع الإسلامي كما يبتغيه الله -عزّ وجلّ-. ولكنّ فضل الصدقة لا يقتصر على المجتمع فحسب، بل يعود بالفائدة على المتصدِّق أيضًا؛ إذ إن للصدقة أثر عظيم في تأصيل جذور الخصال الحميدة في النفس البشرية: كالإيثار، والزهد، والكرم، وتهذيب النفس البشرية، وغيرها. ولذلك، يحرص الكثير من الآباءعلى غرس هذه الصفات الحميدة في نفوس أبنائهم منذ الصغر. 

 

وفي هذا المقال، سنقدم لك نصائح عملية وتربوية وطرقًا لتعليم الطفل الصدقة ومعانيها وترسيخها لديه بأساليب يفهمها الطفل ويتقبلها. 

 

أولًا، ما هي فوائد الصدقة للأطفال؟

كما ذكرنا سابقًا، للصدقة أثر عظيم على تعزيز الروابط المجتمعية والتآخي بين أفراده، بالإضافة إلى أثار وقيم نفسية تغرسها في نفس المتصدِّق. ولكن، ما الآثار التي قد يتعلمها الطفل من خلال تطبيقه لمفهوم الصدقة؟ 

  • تعزيز الثقة بالنفس

حين يشعر الطفل بأنه يملك القدرة بين أنامله الصغيرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، سيتولد لديه شعور بالثقة في نفسه وقدراته يرافقه طيلة حياته.

  • تنمية التعاطف

إن القدرة على فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم والسعي للتخفيف عنهم من خلال مفهوم الصدقة، سيبني في الطفل ذكاءً عاطفيًا وفهمًا عميقًا لغيره، تعود بآثار إيجابية عليه وعلى من حوله. كما أن هذا سيقلل من العنف والعدوانية عند الأطفال.

  • تعلم إدارة المال

من المهارات الحياتية المهمة التي يجب غرسها في الأطفال هي مهارة إدارة المال. فمن خلال الصدقة سيفهم الطفل أهمية المال وكيفية إدارته وأهمية ادخاره، وبالتالي سيسهل عليه مستقبلًا إدارة أموره المادية ومعاملاته المالية. 

  • تعزيز الروابط الاجتماعية

من خلال شرح مفهوم الصدقة للطفل وتطبيقه في حياته، سينغرس في نفسه معنى أعمق عن أهمية الروابط الاجتماعية ودوره لهذا المجتمع الذي يعيش فيه؛ فهو ليس وحده في هذه الدنيا، بل ينتمي إلى مجموعة لديه دور اتجاهها. 

  • تنمية الشعور بالمسؤولية

عند غرس قيم الترابط الاجتماعي ومفهوم دور الطفل في العطاء للمجتمع الذي يعيش فيه، يتعزز في نفسه شعوره تجاه مجتمعه ومن هم أقل منه حظًا. وبذلك، يتأصل شعور الطفل بالمسؤولية.

  • تعزيز القيم الدينية والأخلاقية

لمفهوم الصدقة أثر ديني كبير يتعلمه الطفل من خلال تبسيط هذا المفهوم له، وشرح الأجر والمرتبة العالية التي وُعد بها المتصدقون في الدنيا والآخرة. وبالتالي، يتعزز لدى الطفل مفهوم أن الدين هو نهج حياة يعود عليه وعلى مجتمعه بالخير.

نصائح لتعليم الأطفال مفهوم العطاء

قد لا يفهم الأطفال أهمية الصدقة فورًا، مما يتطلب مجهودًا إضافيًا من الآباء لغرس هذا المفهوم في نفوس أطفالهم. لذا، إليك بعض النصائح العملية التي ستساعدك: 

  • التحدث عن أهمية العطاء عبر الكتب والقصص

إن العقل البشري مصمم ليقبل القصص والحكايات. ولهذا، يمكنك البدء مع طفلك بالحديث عن مفهوم العطاء والصدقة وأهميتهما له وللمجتمع. كما يمكنك أيضًا شرح هذا المفهوم الكبير من خلال تبسيطه عن طريق سرد القصص التي تحتفي بالصدقة وتحببهم بالعطاء لتعلق في أذهانهم.

  • القدوة الحسنة

يتعلم الأطفال بالقدوة وبتقليد آبائهم أولًا وأخيرًا، فاحرص أن تبدأ بنفسك أولًا. مثلًا، عند اصطحاب أطفالك لصلاة الجمعة، احرص على إخراج صدقة لصندوق الجامع فور الانتهاء، فهذا سيشجع أطفالك على تقليدك وبالتالي سيغرس في نفوسهم حب الصدقة والسعي لها. 

  • تشجيع التبرع بالأشياء الشخصية

يمكنك تشجيع أطفالك على الصدقة من خلال حثهم على التبرع بأشيائهم الشخصية من اختيارهم بشكل سنوي أو نصف سنوي مثلًا. إذ يمكنك تشجيعهم على التبرع بألعابهم التي لا يستعملونها أو ملابسهم التي بحالة ممتازة، وبهذا ستشجعهم على العطاء وستعلمهم المسؤولية عن أغراضهم الخاصة في آن واحد.

  • تخصيص جزء من المصروف للصدقة

من الأفكار الشائعة والمفيدة أيضًا حث الأطفال على تخصيص جزء من مصروفهم اليومي أو الأسبوعي للصدقة. وبهذا يتعلم أطفالك كيفية إدارة مصروفهم الشخصي بكفاءة بالإضافة إلى مفاهيم العطاء والصدقة.

  • الاحتفاء بعمل الخير

من الطرق التي تلقى نتائج إيجابية هي تشجيع الأطفال ومدحهم عند تطبيق مفهوم الصدقة، إذ يتأثر الأطفال بمديحك ونيل رضاك مما يساعدك على غرس السلوك الجيد فيهم.

  • القيام بأنشطة تطوعية عائلية

 

يمكنك أيضًا تخصيص أحد أيام العطلة في الشهر للمشاركة في الأنشطة التطوعية عن طريق أي مؤسسة وإشراك أطفالك باعتباره نشاطًا عائليًا ممتعًا وفرصة لقضاء الوقت معًا وممارسة شيء يحبه الله.  

 

ما هي حملة كفالة طفل لطفل من تكية أم علي؟

إن أصغر عطاء يشكل فرقًا، خاصةً إن كان من طفل لطفل! لذلك، ارتأت تكية أم علي إشراك الأطفال في عجلة التغيير والتحسين، من باب ترسيخ القيم الحميدة في نفوسهم، وتعزيز انتمائهم لمجتمعهم، بالإضافة إلى تحسين الظروف المعيشية للأطفال المحتاجين. ولهذا، تم إطلاق "حملة كفالة طفل لطفل"، حيث تتيح للأطفال دعم أقرانهم من المحتاجين من خلال تخصيص جزء من مصروفهم للمساهمة في تأمين الغذاء الأساسي. ويكون ذلك من خلال موقع تكية أم علي، إذ يمكن للطفل أو أسرته التبرع بقيمة عشر دنانير أردنية شهريًا، مما يعزز فهم الطفل لقيمة العمل الخيري ويغرس فيه الشعور بالمسؤولية المجتمعية منذ الصغر. 

 

أهمية الصدقة في المجتمع

في الختام، تظهر أهمية الصدقة في دورها الكبير في بناء مجتمع قائم على قيم التعاون والتكافل. فإن تعزيز ثقافة العطاء في المجتمع لا يسهم فقط في تحسين حياة الأفراد المحتاجين، بل ينعكس إيجابيًا على نفسية المتبرعين ويعزز لديهم الشعور بالمسؤولية اتجاه الآخرين. فمن خلال الصدقة، نغرس قيم العطاء والمحبة والتضامن بين الناس، وبتعليم أطفالنا أهمية العطاء، نحن نساعد في بناء جيل واعٍ وملتزم بقيم مجتمعه، مما يسهم في خلق بيئة يتعزز فيها الترابط الاجتماعي والتراحم.

 لنكن جميعًا جزءًا من هذا الأثر الإيجابي، ونسعى لجعل العطاء عادة يومية تساهم في تحقيق التغيير الذي نطمح إليه.