التمكين الاقتصادي: تكية أم علي وجمعية دار أبو عبدالله
لا يخفى على أحد أن العالم يمر في عصر تسوده التحديات، خصوصًا الاقتصادية منها. كما أن الاتساع المتزايد في الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين الأفراد أصبح واضحًا ولا يمكن تجاهله. ومن هنا نلتفت أن دور المؤسسات التي تعنى بتمكين الأفراد أصبح ضرورة عوضًا عن رفاهية، إذ تزداد الحاجة إلى دور هذه المؤسسات كمنارة لمجابهة التحديات. فلم يعد التمكين مجرد مفهوم نظري، بل أصبح عملية حيوية تهدف إلى تحويل حياة الأفراد والمجتمعات من الاعتماد إلى الاستقلالية.
وفي المملكة الأردنية الهاشمية، تترأس المؤسسات، كتكية أم علي بالاشتراك مع جمعية دارأبو عبدالله، القائمة في الجهود المبذولة لدعم التمكين الاقتصادي للفئات الأقل حظًا في المجتمع الأردني، وخلق فرص أكثر تكافؤًا بين أفراده. إذ تُعد الشراكة الاستراتيجية بين تكية أم علي وجمعية دار أبو عبدالله نموذجًا تنمويًا شاملًا للوصول إلى نتائج ملموسة ومستدامة في المجتمع، ليس فقط للأفراد، وإنما يتعدى ذلك ليشمل عائلاتهم.
ومن خلال هذه الشراكة، تعمل دار أبو عبد الله على تمكين الأسر المستفيدة من برامج تكية أم علي. إذ تزودهم بالمهارات والمعرفة اللازمة لتحقيق الاستقلالية المادية، مما يمكّنهم من تحسين سبل عيشهم. وهذا يفتح المجال أمام أسر أخرى على قوائم الانتظار للاستفادة من دعم تكية أم علي، مما يعزز التأثير الإيجابي لهذه الشراكة على المجتمع بأكمله.
ولأهمية الدور الذي تقوم به التكية، كان لا بد من تسليط الضوء على هذه الجهود المباركة؛ لذا في هذا المقال، سنستعرض أنواع التمكين، مع التركيز على التمكين الاقتصادي، ودور تكية أم علي بالتعاون مع دار أبو عبد الله في دعم عجلة هذا التمكين.
ما هي أنواع التمكين؟
إن مصطلح التمكين بشكل عام يعني عملية دعم الأفراد والجماعات لتحقيق أهدافهم والتأثير في حياتهم بشكل إيجابي باستخدام طرق مختلفة. وللتمكين أنواع كثيرة، منها:
- التمكين النفسي: يهتم هذا النوع بالعامل النفسي للأفراد؛ إذ يُعنى بتعزيز ثقة الأشخاص بأنفسهم وتعزيز قدرتهم على التحكم في حياتهم وقراراتهم. ويكون هذا من خلال زيادة الشعور بالقدرة على تحقيق الأهداف الشخصية، وتحسين الصحة العقلية، وزيادة الوعي الذاتي.
- التمكين التعليمي: يهتم هذا النوع بإثراء الفرص التعليمية بين أفراد المجتمع. ويكون من خلال زيادة قدرة الأفراد على الوصول إلى الفرص التعليمية واكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لتحقيق النجاح على الصعيدين الشخصي والمهني. ويشمل ذلك توفير فرص التعليم والتدريب، ودعم التعلم لمدى الحياة.
- التمكين السياسي: يُعنى التمكين السياسي بمساعدة الأفراد على المشاركة الإيجابية في العمليات السياسية، كالمشاركة في الانتخابات وتمثيل القرارات السياسية التي تصب في مصالحهم.
- التمكين الاجتماعي: يهتم التمكين الاجتماعي بتعزيز مشاركة الأفراد بطريقة إيجابية في مجتمعاتهم. ويكون تحقيق ذلك من خلال برامج دعم المساواة بين الجنسين، وتقوية الروابط المجتمعية، وغيرها من الطرق التي تهدف لتعزيز الشعور بالمجموعة.
- التمكين الاقتصادي: يهتم التمكين الاقتصادي بالموارد الاقتصادية للأفراد، وفي هذا المقال سنقدم لكم لمحة عن مفهوم التمكين الاقتصادي وسنسلط الضوء على جهود تكية أم علي المبذولة بالتعاون مع دار أبو عبدالله في تمكين أفراد المجتمع الأردني كمثال رائد في هذا المجال.
ما هو التمكين في الاقتصاد؟
يعني التمكين في الاقتصاد تحسين وتعزيز القدرات الاقتصادية للأفراد والجماعات من خلال توفير الفرص والموارد الضرورية لزيادة دخلهم، مما يؤدي إلى تحسين مستواهم المعيشي. ويمكن تحقيق التمكين الاقتصادي من خلال الاهتمام بالحصيلة المعرفية اللازمة في سوق العمل وتزويد الأشخاص بالمهارات التي تدعمهم، وتوفير فرص العمل، والدعم المادي، بالإضافة إلى تمكينهم من الوصول إلى الموارد الاقتصادية مثل التمويل والتكنولوجيا والأسواق.
ما هو الهدف من التمكين الاقتصادي؟
تهدف برامج التمكين إلى الارتقاء بالمستوى الاقتصادي للأفراد ودفعهم نحو الإنتاجية والاستقلال المادي. كما يهدف التمكين الاقتصادي إلى السير نحو المساواة الاقتصادية بين الأفراد، وتحقيق نمو مستدام في حياتهم الاقتصادية. ويتم تحقيق ذلك غالبًا من خلال برامج التعليم والتدريب، والتوظيف، وتطوير المشاريع الصغيرة، ودعم المرأة والشباب في المجالات الاقتصادية وزيادة فرص مشاركتهم في التيار الاقتصادي.
تكية أم علي وجمعية دار أبو عبدالله: نموذج شامل للتمكين الاقتصادي
تواصل تكية أم علي جهودها الحثيثة لتعزيز التمكين الاقتصادي للأسر المستفيدة من برامجها الغذائية، من خلال شراكتها الاستراتيجية مع جمعية دار أبو عبدالله، من خلال تنفيذ النموذج التنموي الشامل كنموذج رائد لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يسعى الطرفان معًا إلى تحويل الأسر من حالة الاعتماد إلى حالة الإنتاجية والاعتماد على الذات وتحقيق الاستقلالية المادية.
من هي مؤسسة تكية أم علي؟
تُعد تكية أم علي، التي تتخذ من العاصمة الأردنية عمّان مقراً لها، أول منظمة غير حكومية من نوعها في العالم العربي لمكافحة الجوع. إذ تقوم تكية أم علي من خلال برامج الدعم الغذائي المستدام وبرامج الاحتياجات الأساسية من تقديم خدماتها لما يقارب من (20,000) من الأسر التي تقع تحت خط الفقر الغذائي على مستوى المملكة. ويكون تحقيق ذلك في التبرع من خلال تكية أم علي المستمر والمتزايد لتستمر في تأمين الدعم الغذائي للمنتفعين. لكن تكية أم علي تسعى لتحقيق أكثر من مجرد تقديم الغذاء؛ فهي تهدف إلى تمكين الأسر للوصول إلى الاستقلالية المادية والاعتماد على الذات ، ومن هنا جاءت فكرة الشراكة الاستراتيجية بين تكية أم علي وجمعية دار أبو عبدالله بهدف توحيد هذه الجهود لأجل هدف مشترك.
لماذا الشراكة مع مؤسسة دار أبو عبدالله؟
أولًا، من هي دار أبو عبدالله؟
دار أبو عبدالله هي منظمة غير حكومية وغير ربحية تهدف إلى تمكين الأفراد الأكثر ضعفًا وتعزيز قدراتهم و استدامة سبل عيشهم من خلال مشاريع تعالج الأسباب الكامنة وراء الجوع والفقر في جميع أنحاء الأردن. وقد سميت الدار على اسم جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال وترأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا بنت الحسين، وسُميت بهذا الاسم تخليداً لذكرى المغفور له بإذن اللّه جلالة الملك الحسين بن طلال طيّب اللّه ثراه الذي كان من أشد المؤمنين بالإنسان وبأن "الإنسان هو أغلى ما نملك.".
تعزيز قدرات الأسر المستفيدة
من خلال نموذج الشراكة، تتمكن التكية بالتعاون مع دار أبو عبدالله من تعزيز قدرات الأسر الأكثر ضعفاً من خلال تزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة لتحقيق سبل العيش المستدامة، وضمان استمرارية تأثير هذا التمكين على المدى الطويل. إذ تقوم دار أبو عبدالله بتنفيذ مختلف برامجها بالشراكة مع المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية، مما يمكنها من تمكين الأسر المستضعفة والأكثر فقراً والاستثمار في قدرات وطاقات أفرادها من خلال برامج مصممة خصيصاً لتتناسب مع احتياجات الفئة المستهدفة وأولويات المجتمعات المحلية. ويركز هذا العمل على جعل تلك الأسر مستقلة اقتصادياً ومعتمدة على ذاتها، مع تركيز خاص على النساء والشباب.
التمكين الاقتصادي: دعم أسرة وفتح باب لأخرى
هذا التعاون بين تكية أم علي ودار أبو عبدالله يعزز تأثير التبرعات بشكل مضاعف؛ فعندما يتبرع الناس لتكية أم علي، فإنهم لا يساعدون أسرة واحدة فقط، بل يسهمون في تمكين أسرتين في آن واحد. فإحدى الأسر تتلقى المساعدة المباشرة، بينما يتم دعم الأسرة الأخرى في تحقيق دخل ثابت واستقلالية مادية. لذا، إنّ هذا النموذج الفريد يعزز من تأثير التبرعات، حيث يتيح لعائلة من لوائح الانتظار البالغ عددها 16,192 عائلة فرصة للحصول على الدعم والبدء في تحسين حياتها.
خلق مجتمع مستدام من العطاء والتمكين
إن الهدف الرئيسي من هذه الشراكة هو خلق مجتمع مستدام يقوم على العطاء والتمكين، مما يساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع بأكمله. فعندما تتمكن أسرة من تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على نفسها، تفتح المجال لأسرة أخرى لتلقي الدعم والبدء في رحلة التمكين. هذه الدورة المستدامة من العطاء والتمكين تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في المجتمع، مما ينعكس إيجابًا على الجميع.
الخاتمة
من خلال التعاون الوثيق بين تكية أم علي ودار أبو عبد الله، يتم تحقيق هدف نبيل يتمثل في تمكين الأسر وتحويلها من حالة الاعتماد إلى حالة الإنتاجية والاستقلالية. وبهذا، لا تساهم التكية فقط في تحسين الظروف المعيشية للأفراد، بل أيضًا في تعزيز المجتمع بأكمله نحو مستقبل أكثر استدامة ونماءً.