المدونات
برنامج استدامة – الصدقة الجارية التنموية
-(1).webp)
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٥
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
تتجلى قيمة الصدقة الجارية بأن أجرها لا يرتبط بحياة الإنسان بل تبقى نهرًا من الخير المتجدد يروي حاجات الآخرين ويصون كرامتهم حتى بعد مماته.
ومن هذا المفهوم الإنساني، طوّرت تكية أم علي رؤيتها لمفهوم الصدقة الجارية لينبثق منها برنامج “استدامة – الصدقة الجارية التنموية” ليحوّل التبرع إلى استثمار طويل الأمد يساعد في تمكين الأسر المحتاجة وتحقيق أمنها الغذائي.
وفي هذا المقال، سنتناول فكرة هذا البرنامج النموذجي الذي يجسّد المعنى الحقيقي للعطاء المستمر والتنمية المستدامة في آن واحد.
ما هو برنامج استدامة – الصدقة الجارية التنموية
برنامج استدامة – الصدقة الجارية التنموية هو مبادرة وطنية رائدة تنطلق من رؤية تكيّة أم علي في تطوير مفهوم العطاء الإنساني ليصبح أداةً للتنمية المستدامة لا مجرّد دعمٍ مؤقّت. حيث يهدف البرنامج إلى تمكين الأسر الأردنية الأكثر ضعفًا من خلال إنشاء وإدارة مشاريع إنتاجية تدرّ دخلًا مستمرًا للمستفيدين، ليستطيعوا الارتقاء من دور المتلقي للمساعدة إلى دور المنتج القادر على إعالة نفسه وعائلته. ويُنفَّذ البرنامج بالشراكة بين جمعية تكيّة أم علي وجمعية دار أبو عبدالله على مدى خمس سنوات، حيث يمكن للأفراد والشركات والمؤسسات المساهمة في هذا الجهد التنموي عبر سهم التبرع البالغ 50 دينارًا أردنيًا، والذي يُترجم إلى دعم حقيقي لمشاريع تنموية تعود بالنفع المستمر وتُعزّز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للأسر المحتاجة.
ما الهدف من برنامج استدامة – الصدقة الجارية التنموية
للبرنامج عدة أهداف أولها تحويل مفهوم التبرع من مساعدة آنية إلى استثمار تنموي مستدام يحقق أثرًا اقتصاديًا واجتماعيًا طويل المدى. كما يسعى البرنامج إلى تمكين الأسر الأردنية الأشد ضعفًا اقتصاديًا للوصول إلى الاستدامة المالية عبر توجيه تبرعات الصدقة الجارية نحو مشاريع إنتاجية تُدر دخلًا مستمرًا وتُحدث أثرًا دائمًا في حياة المستفيدين. بالإضافة إلى ذلك يستجيب البرنامج لعدد من الأولويات الوطنية كتعزيز ثقافة الإنتاجية لدى المواطنين، وتحقيق الأمن الغذائي عبر دعم الزراعة المائية والإنتاج المحلي، ومواجهة التغير المناخي بتطبيق أنظمة زراعة ذكية مناخيًا تقلل استهلاك المياه والطاقة، وأخيرًا، دعم الاقتصاد الاجتماعي من خلال تمكين النساء والشباب بمشاريع مدرّة للدخل تعزز الاعتماد على الذات والاستقرار المجتمعي.
ويتمثل دور جمعية أبو عبدالله هنا بإدارة واستثمار التبرعات في مشاريع مدروسة تُنفّذ وتُتابع على مدى خمس سنوات لضمان استدامتها التشغيلية، مع تقديم الدعم الفني والإداري للمستفيدين خلال تلك الفترة. وبعد انتهاء فترة المتابعة، سيصبح المستفيد قادرًا على إدارة مشروعه بشكل مستقل، مما يضمن استمرار الدخل وتعزيز الاعتماد على الذات، ليجسّد البرنامج بذلك نموذجًا عمليًا للصدقة الجارية التنموية التي تجمع بين الأثر الاجتماعي والعائد الاقتصادي، وتنسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي في دعم القطاعات الإنتاجية وخلق فرص عمل مستدامة في مجالات الزراعة والتصنيع.
ما هي آلية العمل في البرنامج
يقوم البرنامج على نموذج واضح يضمن تشغيل التبرعات لتُحدث أثرًا اقتصاديًا واجتماعيًا ملموسًا للأسر المستفيدة. إذ تبدأ الآلية من مرحلة التبرع، حيث يمكن للمتبرعين المساهمة في البرنامج من خلال شراء سهم صدقة جارية بقيمة 50 دينارًا أردنيًا للسهم الواحد، دون اقتطاع أي مبالغ للمصاريف الإدارية، بما يضمن توجيه كامل المبلغ لدعم المشاريع التنموية مباشرة. ثم تُستثمر هذه التبرعات في مشاريع مستدامة تشمل محورين رئيسيين:
أولًا: مشاريع الزراعة المائية
يركز هذا المحور على إنشاء بيوت زراعية ذكية مناخيًا مزودة بأنظمة ري حديثة تقلل استهلاك المياه وتخفض الكلف التشغيلية. كما يشمل توفير مدخلات إنتاج زراعي وحلول مناخية مبتكرة وصيانة البنية التحتية الزراعية والتجهيزات الضرورية لضمان استدامة هذه المشاريع.
ومنذ عام 2021، تمكن البرنامج من إنتاج أكثر من 100 طن من المحاصيل الزراعية عبر أكثر من 100 بيت بلاستيكي بإدارة جمعية دار أبو عبدالله، مع فتح أسواق تصدير تعزز استدامة النموذج الزراعي القائم على الكفاءة والتمكين.
ثانيًا: مشاريع الحياكة والإنتاج المنزلي
يهدف هذا المحور إلى تمكين النساء من خلال تجهيز ورش عمل حديثة وتزويدها بماكينات الحياكة ومستلزمات الإنتاج لتمكينهن من إنتاج قطع عالية الجودة وربطها بالأسواق المحلية والعالمية. كما يتضمن تطوير وتوسيع المشاريع القائمة عبر شراء معدات جديدة أو إضافة تجهيزات تساعد على استدامتها.
ومنذ عام 2021، ساهم برنامج الحياكة لدى جمعية دار أبو عبدالله في تمكين أكثر من 600 سيدة من إنتاج نحو مليوني قطعة، وتحقيق دخل تجاوز 650 ألف دينار أردني، ما يعكس نجاح هذا النموذج في تحقيق أهدافه التنموية والاجتماعية.
ما هو الأثر المتوقع من البرنامج
من خلال إعادة توجيه مفهوم الصدقة الجارية ليشمل بُعدًا اقتصاديًا وتنمويًّأ جديدًا، نتوقع أن يُحدث برنامج استدامة – الصدقة الجارية التنموية أثرًا ملموسًا ومتعدد الأبعاد خلال فترة التنفيذ. إذ سيؤدي البرنامج إلى تحسين مصادر الدخل للأسر المستفيدة، وتمكينها من تحقيق الاستقلال المالي عبر مشاريع إنتاجية تدر دخلًا ثابتًا وتضمن استمرارية العيش الكريم. كما سيسهم في تعزيز مشاركة النساء والشباب في الاقتصاد المحلي من خلال دمجهم في مشاريع منتجة ترفع من قدراتهم وتخلق فرصًا حقيقية للنمو.
فضلًا عن ذلك، يهدف البرنامج إلى تطوير نموذج وطني رائد للصدقة الجارية التنموية يمكن تكراره وتوسيع نطاقه في محافظات مختلفة. وأخيرًا، سيُسهم في خلق فرص عمل محلية جديدة وتحسين كفاءة استخدام الموارد ضمن نهج الاقتصاد الدائري الذي يحدّ من الهدر ويعظّم الاستفادة من الموارد المتاحة.
ما هو الأثر الديني والاجتماعي للبرنامج
باستناد البرنامج إلى جوهر المفهوم الإسلامي للصدقة الجارية، يتحقق الجانب الروحاني والديني من خلال التصدُّق بصدقة يمتد أجرها وأثرها حتى بعد انقطاع التبرع المباشر. أما من الجانب الاجتماعي، فيعزّز البرنامج مفهوم الاعتماد على الذات ويدعم كرامة الإنسان عبر تمكينه من الإنتاج والعمل، بدلًا من الاكتفاء بتلقي المساعدة. ولضمان الاستمرارية، تتولى تكية أم علي متابعة المشاريع ميدانيًا وتقديم الدعم الفني والإداري للمستفيدين خلال فترة التنفيذ وما بعدها، مع الالتزام الكامل بأن كامل قيمة التبرع تُوجَّه إلى المشاريع دون أي اقتطاعات إدارية أو مخصصات للزكاة، حفاظًا على نزاهة العطاء وضمان وصول أثره الكامل إلى المستفيدين.
كن شريكًا في عجلة التغيير
إن الإسهام في برنامج استدامة – الصدقة الجارية التنموية ليس تبرعًا عابرًا، بل استثمار في الأمل والكرامة الإنسانية. فكل سهم يقدّمه المتبرع يتحول إلى فرصة عمل، ومصدر دخل، وبداية جديدة لأسرة كانت تنتظر يد العون لتقف بثبات على قدميها.
شاركوا في بناء هذا النموذج الوطني للعطاء المستدام وكونوا جزءًا من هذا التغيير الحقيقي، وساهموا في تحويل الصدقة إلى تنمية، والعطاء إلى حياة.
ابق على اطلاع بأحدث المدونات

٢١ أكتوبر ٢٠٢٥
الصدقة عن الوالدين: فضلها وكيف يصل ثوابها إليهم

٢٢ سبتمبر ٢٠٢٥
أهمية التبرع لغزة وأثره على تحسين حياة الأطفال والعائلات المتضررين في القطاع

١١ سبتمبر ٢٠٢٥
كيف نغرس في أطفالنا حب مساعدة الفقراء؟

